ولقد قال تعالى موجها القول إلى النبي صلى الله عليه وسلم لإبطال شركهم:
{ قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا ( 42 ) سبحانه وتعالى عما قولون علوا كبيرا ( 43 )} .
هذه الآية الكريمة متصلة بقوله تعالى:{ ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا} وتوسط بينهما وهم أن الملائكة بنات ، وتصريف القرآن ليتذكرون وذلك للإشارة إلى أن الذين يجعلون مع الله آلهة أخرى يتبعون الأوهام ويصيبهم الخبال بهذه الأوهام ، ولا يجد الدليل الإيجابي مجازا إلى قلوبهم ، فصرف الله تعالى القرآن ليتذكروا فأبوا إلا نفورا كشأن أعداء الحق ، ويبين الله تعالى على لسان نبيه بطلان ما يعبدون ، فيقول سبحانه:
{ قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا ( 42 )}
ذو العرش هو الله تعالى ، وعبر بهذا التعبير لبيان كمال سلطانه في ملكه وأنه لا شريك له ، فأظهر بعد الإضمار لذلك ، والمعنى كما يقرر ابن عباس:لو كان مع الله تعالى آلهة غيره كما يدعون لنازعوه السلطان في الوجود ، ولعاندوه في خلقه ، ولكن لا يمكن ذلك ، وإلا فسد الكون ، كما قال تعالى:{ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون ( 22 )} [ الأنبياء] .
ويكون هذا الكلام لإبطال زعمهم بدليل يؤدى إليه من نزاع وذلك باطل ، وقد خرج الآية آخرون تخريجا فيه مثل هذه من حيث إنه إبطال الدعوة التي يدعونها ، وذلك التخريج الآخر أنهم قالوا:إن المعنى أنه لو كان هناك آلهة كما يقولون{ لابتغوا} ، أي لطلبوا سبيلا لذي العرض ليعبدوه ، كما قال تعالى في آية{ أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة . . .( 57 )} فأتى سبحانه ببرهان التوحيد من دعواهم ، أي أن التي يدعون لها الألوهية خاضعة لله ؛ لأن كل من في الوجود خاضع لله تعالى ؛ لأن له السلطان الأعلى في ملكوت السموات والأرض .
ومهما يكن التخريج فإن الآية إبطال لعبادة الأوثان وأنها من الأوهام وأنها من أنهم يقفون ما ليس لهم به علم ، فيقعون في الباطل وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .