ولقد أجاب الله سبحانه إبليس على ما قاله بقوله:
{ قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا ( 23 )} .
{ اذهب} معناها هنا امض فيما أنت معتزم عليه فإن لهم اختيارا وإرادة ، فلا نستمكن منهم إلا بإرادة يريدونها ، ويبتغونها ، ولذا قال تعالى:{ فمن تبعك منهم} والفاء هنا للإفصاح عن شرط مقدر ، والمعنى إن ذهبت وأغريت ، وحاولت السيطرة على نفوسهم فمن تبعك إلى ما تدعوه إليه:{ فإنه جهنم جزاؤكم جزاء موفورا} فمن يتبعك مختارا مستجيبا لإغرائك ، فأنت وهم قد صرتم جمعا واحدا ، جزاؤك وجزاؤهم واحد ، ولذا خاطبهم جميعا باعتبار أنهم جميعا صاروا جمعا واحدا ، وكان الخطاب بالجمع ؛ لأن الخطاب له ابتداء ، ولهم بالتبع ، ووصفت بأنها جزاء موفور أي كامل على قدر ما أساءوا ، وهي كاملة ووفاق لما أجرموا ، وقد قال في وصف جزائهم في آية أخرى في قوله تعالى في سورة الحجر:{ وإن جهنم لموعدهم أجمعين ( 43 ) لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ( 44 )} [ الحجر] .
وكان الخطاب بالجمع لما ذكرنا من الخطاب لإبليس ، وهو له تبع .