أما حاله هو ، وهي حال الإيمان ، فقد قال فيها:
{ لكنّا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا 38} .
( لكن ) تفيد الاستدراك على ما قاله صاحبه ، وبيان أن حاله ليست كحاله ، إنما حاله حال إذعان لله تعالى وحده على خلاف حال صاحبه من إشراك بالله ، واستهانة بالبعث ، ونلاحظ في المصحف أن ألفا بعد النون في{ لكنا} ، وهو يتحدث وحده ونحسب أن كتابته ليست عبثا ، أو لغير معنى ، بل إن كتابته تنبيه على بعد الحال المستدركة بين الرجلين ، فبينا الأول كان طاغيا مفاخرا مغرورا ، فهذا موحد متطامن شاكر لله تعالى أنعمه ، في سرائه وضرائه فأمره كله إليه سبحانه ، لا يملك من أمره شيئا أبدا .
وقوله:{ هو الله ربي} تفويض مطلق لذي الجلال والإكرام ، لأنه ربه الذي خلقه وقام عليه حتى بلغ ما بلغ بين الأحياء ، لأنه الحي القيوم ، وأكد الوحدانية بقوله:{ ولا أشرك بربي أحدا} ، وهذا تعريض بالذين يؤمنون بأن الله تعالى خالق السماوات والأرض وأنه لا خالق سواه ، ومع ذلك عند العبادة يشركون به ، وقوله تعالى:{ بربي} يفيد مع ما سبق علة العبادة وعدم الإشراك فيها ، ويقولون هو خبر لمبتدأ محذوف تقديره لكن الأمر هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا