وقوله في هذه الآية الكريمة:{لَكُنَّا} أصله «لكن أنا » فحذفت همزة «أنا » وأدغمت نون «لكن » في نون «أنا » بعد حذف الهمزة .وقال بعضهم: نقلت حركة الهمزة إلى نون «لكن » فسقطت الهمزة بنقل حركتها ،ثم أدغمت النون في النون !ونظير ذلك من كلام العرب قول الشاعر:
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب *** وتقلينني لكنا إياك لم أقل
أي لكن أنا إياك لم أقل .وقال بعضهم: لا يتعين في البيت ما ذكر ؛لجواز أن يكون المقصود لكنني فحذف اسم «لكن » كقول الآخر:
فلو كنت ضبياً عرفت قرابتي *** ولكن زنجي عظيم المشافر
أي لكنك زنجي في رواية من روى زنجي بالرفع .وأنشد الكسائي لنحو هذا الحذف من «لكن أنا » قول الآخر:
لهنك من عبسية لوسمية *** على منوات كاذب من يقولها
قال: أراد بقوله «لهنك » لله إنك ؛فحذف إحدى اللامين من «لله » ،وحذف الهمزة من «إنك » نقله القرطبي عن أبي عبيد .
وقوله تعالى:{لَّكِنَّ هُوَ اللَّهُ رَبّي} .
قرأه جماهير القراء في الوصل «لكن » بغير ألف بعد النون المشددة .وقرأه ابن عامر من السبعة «لكنا » بالألف في الوصل .ويروى ذلك عن عاصم ،ورواه المسيلي عن نافع ،ورويس عن يعقوب .واتفق الجميع على إثبات الألف في الوقف .ومد نون «أنا » لغة تميم إن كان بعدها همزة .وقال أبو حيان في البحر: إن إثبات ألف «أنا » مطلقاً في الوصل لغة بني تميم ،وغيرها ما يثبتونها على الاضطرار .قال: فجاءت قراءة «لكنا » بإثبات الألف في الوصل على لغة تميم .ومن شواهد مد «أنا » قبل غير الهمزة قو الشاعر:
أنا سيف العشيرة فاعرفوني *** حميداً قد تذريت السناما
وقول الأعشى:
فكيف أنا وانتحال القوافي *** بعد المشيب كفى ذاك عارا
وقوله في هذه الآية الكريمة:{وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} جملة حالية .والمحاورة: المراجعة في الكلام: ومنه قوله تعالى:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ التي تُجَادِلُكَ في زَوْجِهَا وَتَشْتَكِى إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تحاوركما} ،وقول عنترة في معلقته:
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى *** ولكان لو علم الجواب مكلمي
وكلام المفسرين في الرجلين المذكورين هنا في قصتهما كبيان أسمائها ،ومن أي الناس هماأعرضنا عنه لما ذكرنا سابقاً من عدم الفائدة فيه ،وعدم الدليل المقنع عليه .والعلم عند الله تعالى .