مثل الدنيا والآخرة والبعث
{ واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء قدير مقتدرا 45} .
{ واضرب} معناها بين لهم{ مثل} حال{ الحياة الدنيا} ، في زخرفها وبريقها ،{ كما أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض} ، أي فاختلطت به بذور الأرض التي صارت نبات ، وصارت ريانة به ، وجرت فيها الحياة ، ولكن استمرت أمدا ليس طويلا فأصبحت هشيما ، أي حطبا متكسرا ، يتفتت حتى تذروه الرياح ،{ وكان الله على كل شيء مقتدرا} ، إذ أنشأ من الماء حياة في البذور ، ففلق الحب فكان نباتا قد اختلط بالماء إذ كان مادة نماءه ، واستوى به على سوقه ، ولكن لم يلبث إلا قليلا ، حتى تكسر ، ثم تفتت فكانت الرياح تحمله وتذروه من مكان إلى مكان ، ثم آل بقدرته ما آل إليه .
والتشبيه هو تشبيه الدنيا بالحال التي تكون من اختلاط الماء بأصول النبات والتفافه بعضه ببعضه ثم تكسره السريع مع تفتته ، فليس التشابه بين الحياة الدنيا والماء ، بل بين الدنيا وهذه الحالة من الماء والنبات ، ثم سرعة الفناء والتكسر والتفتت العاجل القريب .
وقد صور الله تعالى حال الدنيا بمثل ذلك في آيات أخر ، من ذلك قوله تعالى:{ إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام…24}( يونس ) ، وقوله تعالى:{ اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما… 20}( الحديد ) .