أخذ العبد الصالح يبين حدود الصبر ، وأنه صبر على الامتناع عن السؤال عن سبب الفعل مع غرابة الفعل في ذاته ، وهذه طاقة عالية في الصبر ، فإن العقل طلعة يريد تعرف سبب كل واقع ، وسر كل مجهول ، فقال:
{ قال فإن اتبعني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا 70} .
قال العبد الصالح لموسى وقد وعده بالصبر ، والفاء للإفصاح عن الإتباع المشروط بالصبر ، أي إن صبرت فاتبعني فمقتضى ذلك ألا تسألني عن شيء تستغربه ،{ حتى أحدث لك منه ذكرا} لعلته ، أي لا تسألني حتى أبادئك بالبيان ، وذلك من مقتضيات الصبر ، ومن آداب المتعلم أمام المعلم ، والتابع للمتبوع لا يبادره حتى يبين هو ما عنده ، والتعبير بالذكر يشير إلى أن ما يخبر به من بعد هو تذكير بقدرة الله تعالى .