ولكنهما سارا مصطحبين ، فكان أمر أشد غرابة ، وأعنف مظهرا من خرق السفينة ، وهو قتل غلام ، ولقد قال تعالى:
{ فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا 74} .
انطلقا سائرين على سيف البحر ، ولكن حدث ما أثار استغراب موسى بل استنكاره{ حتى إذا لقيا غلاما فقتله} ، أي أن السير استمر إلى غاية ، وهو لقاء غلام ، والفاء في قوله تعالى:{ فقتله} للتعقيب ، أي أنه قتله فور لقائه ، وهذا يدل على أنه لم يرتكب ما يسوغ القتل ، إذ إن القتل كان فور اللقاء .
وهنا يتخالف مع علم الحلال والحرام ، وعلم الحقيقة الغيبية فيكون الاستغراب ، ويقول موسى الكليم مستغربا لائما{ أقتلت نفسا زكية} ، أي طاهرة غير معتدية نامية ، لأنها في باكورة حياتها ، إذ التزكية التنمية ، بغير مسوغ يسوغ لك هذا الفعل ، ولذا قال بغير نفس ، أي حتى يكون القتل قصاصا لا اعتداء فيه{ لقد جئت شيئا نكرا} ، أي أمرا منكرا في ذاته تستنكره العقول ، ويخالف كل معقول .