وذكر الله تعالى في وصف الجنة أنها التي{ وعد الرحمن عباده} للإشارة إلى أنها من فضل رحمته بعباده الذين يريد منهم الرشاد ، ولا يرضى لهم الكفر والانحراف عن طريق الإيمان ، ولذا قال:
{ جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا 61} .
{ جنات عدن}:هي جنة الإقامة الدائمة ، كما قال تعالى:{. . .لهم فيها نعيم مقيم 61} ( التوبة ) ، وقد وعد الرحمن عباده بالغيب ، وذكر{ الرحمن} هنا إشارة إلى أن ذلك من رحمة الله تعالى ، إذ كان منه الغفران وهو رحمة ، وكان منه قبول التوبة ، وهو رحمة وأن الحسنات يذهبن السيئات ، وكان منه عفوه وغفرانه إلا أن يشرك به .
وقوله تعالى:{ بالغيب} متعلق ب{ وعد} ، لأنه وعدهم سبحانه وهم غائبون عنه ، وقد آمنوا بهذا الوعد واطمأنوا إليه ، وهو غائب ، فهو آمنوا بالبعث والجزاء والرحمة وهو غائب عنهم ، فكانوا مؤمنين بالغيب وهو سبيل إدراك الحق ، والإيمان بحقائق يوم القيامة ، وقد أكد سبحانه صدق وعده وأنه لا يخلف الميعاد بقوله تعالى:{ إنه كان وعده مأتيا} الضمير في{ إنه} يعود على{ الرحمن} ، و{ مأتيا} اسم مفعول ، أي أنه يجعله – سبحانه وتعالى- آتيا لا محالة ، وذلك كقوله تعالى:{. . .إن الله لا يخلف الميعاد 9} ( آل عمران ) وبعض المفسرين فسر الوعد بأنه جنة عدن ، وهو مأتى لا محالة لمن وعدوا به ، وترى أن الوعد هو ما يتعلق بنعيم الجنة ، والله تعالى يمكن عباده من وعده ، فيكون آتيا بالنسبة له ، ومأتيا منهم إذ يمكنهم سبحانه وتعالى منه ، و{ جنات} بدل أو عطف بيان من قوله تعالى:{ فأولئك يدخلون الجنة} ، وهنا يرد سؤال كيف يكون البدل جمعا ، والمبدل منه مفردا ؟ ونقول:إن اسم الجنس وهو ( الجنة ) عام يدخل في عمومه الكثير من الجنات فهو بدل جمع من جمع ، وهناك قراءة ( جنة عدن ){[1476]}بالإفراد والله تعالى أعلم .