وقد وصف الله تعالى الحياة الفاضلة في الجنة فقال عز من قائل:
{ لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا 62} .
اللغو هو الكلام الذي لا يكون له فائدة مذكورة عند العقلاء ، وهو الذي يؤدى إلى المشاحنة والمنازعة ، ومبادلة القول والجدال ، وكل ذلك بعيد عن الحياة الفاضلة التي تكون في الجنة ، ولذا قال تعالى في آية أخرى:{. . .لا لغو فيها ولا تأثيم 23} ( الطور ) ، وإن اللغو في الدنيا ليس من دأب الفضلاء ، وسماعه ليس من شأن العقلاء . وقال في أوصاف الأبرار:{ وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين 55} ( القصص ) .
وقوله تعالى:{ إلا سلاما} الاستثناء فيها منقطع ، بمعنى لكن يسمعون سلاما ، أي أمنا واطمئنانا وبعدا عن المشاحة والمنازعة والمخاصمة .
هذه هي الحياة المعنوية الطيبة الهادئة التي لا لغو فيها ولا تأثيم ، وقد ذكر سبحانه وتعالى أن الجسم فيها ينال حظه في مواقيته فقال تعالى:{ ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} ، أي أن طعامهم يأتيهم في أوقات منتظمة مستمرة وهي تجيء في البكور ، وفي العشية .
أي على عادة المتناولين لهذه الحياة من غير زهادة ولا إفراط في الأخذ منها ليترفوا فيها ، وفي ذلك الاعتدال تكون استقامة الحياة من غير مرض ولا عناء .