{لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً} مما يثقل الروح ويتعب السمع من دون أن يكون له أي معنى يغني الفكر ويعمق المعرفة ،لأن أجواء الجنة هي الأجواء المنفتحة على صفاء المعرفة المتحركة مع آفاق النور ،وعمق الروح الباحثة عن الله ،في الفكرة والكلمة والشعور ...ولا يسمعون فيها أي كلام يخلق الأحاسيس المربكة للنفس ،أو يفتح القلب على المعاني التي تزرع الحقد والشر والبغضاء في أعماق الضمير ،لأن الله أراد للجنة أن تكون ساحة المحبة التي يعيش فيها المجتمع الإنساني بروح ملائكية في طهرها وانفتاحها على الخير كله ،والمحبة كلها ،فلا يسمعون فيها{إِلاَّ سَلاماً} يتنزل عليهم من الله ،وتتلقاهم به الملائكة ،وتبادرهم به الحور العين ،ويتبادلونه فيما بينهم ،ليعيشوا أجواء السلام وروحانيته في مشاعرهم وكلماتهم ،حيث الأمن والرضا والاطمئنان الروحي ،وليس هناك جوع للحنان ،لأن الله يمنحهم الحنان الإلهي كله ،وليس هناك عطش للرحمة ،لأن الرحمة تتفايض عليهم كالنور المنهمر من قلب السماء في صفاء الفجر ووداعته .
{وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً} فلا يمتنع عنهم شيء مما يشتهون متى شاؤوا ،