وقوله:( لا يسمعون فيها لغوا ) أي:هذه الجنات ليس فيها كلام ساقط تافه لا معنى له ، كما قد يوجد في الدنيا .
وقوله:( إلا سلاما ) استثناء منقطع ، كقوله:( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ) [ الواقعة:25 ، 26]
وقوله:( ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ) أي:في مثل وقت البكرات ووقت العشيات ، لا أن هناك ليلا أو نهارا ولكنهم في أوقات تتعاقب ، يعرفون مضيها بأضواء وأنوار ، كما قال الإمام أحمد:
حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر ، لا يبصقون فيها ، ولا يتمخطون فيها ، ولا يتغوطون ، آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة ، ومجامرهم الألوة ، ورشحهم المسك ، ولكل واحد منهم زوجتان ، يرى مخ ساقيهما من وراء اللحم; من الحسن ، لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، قلوبهم على قلب واحد ، يسبحون الله بكرة وعشيا ".
أخرجاه في الصحيحين من حديث معمر به .
وقال الإمام أحمد:حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدثني الحارث بن فضيل الأنصاري ، عن محمود بن لبيد الأنصاري ، عن ابن عباس قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الشهداء على بارق نهر بباب الجنة ، في قبة خضراء ، يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا "تفرد به أحمد من هذا الوجه .
وقال الضحاك ، عن ابن عباس:( ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ) قال:مقادير الليل والنهار .
وقال ابن جرير:حدثنا علي بن سهم ، حدثنا الوليد بن مسلم قال:سألت زهير بن محمد ، عن قول الله تعالى:( ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ) قال:ليس في الجنة ليل ، هم في نور أبدا ، ولهم مقدار الليل والنهار ، يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب ، وبفتح الأبواب .
وبهذا الإسناد عن الوليد بن مسلم ، عن خليد ، عن الحسن البصري ، وذكر أبواب الجنة ، فقال:أبواب يرى ظاهرها من باطنها ، فتكلم وتكلم ، فتهمهم انفتحي انغلقي ، فتفعل .
وقال قتادة في قوله:( ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ):فيها ساعتان:بكرة وعشي:ليس ثم ليل ولا نهار ، وإنما هو ضوء ونور .
وقال مجاهد ليس فيها بكرة ولا عشي ، ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا .
وقال الحسن ، وقتادة ، وغيرهما:كانت العرب ، الأنعم فيهم ، من يتغدى ويتعشى ، ونزل القرآن على ما في أنفسهم من النعيم ، فقال تعالى:( ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا )
وقال ابن مهدي ، عن حماد بن زيد ، عن هشام ، عن الحسن:( ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ) قال:البكور يرد على العشي ، والعشي يرد على البكور ، ليس فيها ليل .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا سليم بن منصور بن عمار ، حدثني أبي ، حدثنا محمد بن زياد قاضي أهل شمشاط عن عبد الله بن جرير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من غداة من غدوات الجنة ، وكل الجنة غدوات ، إلا أنه يزف إلى ولي الله فيها زوجة من الحور العين ، أدناهن التي خلقت من الزعفران "
قال أبو محمد:هذا حديث منكر .