و{ جَنَّات} بدل من{ الجنّة} .جيء بصيغة جمع جنات مع أن المبدل منه مفرد لأنه يشتمل على جنات كثيرة كما علمت ،وهو بدل مطابق وليس بدل اشتمال .
وعَدْن: الخلد والإقامة ،أي جنات خلد ووصفها ب{ التي وعد الرحمان عباده} لزيادة تشريفها وتحسينها .وفي ذلك إدماج لتبشير المؤمنين السابقين في أثناء وعد المدعوين إلى الإيمان .
والغيب: مصدر غاب ،فكل ما غاب عن المشاهدة فهو غيب .
وتقدم في قوله تعالى:{ الذين يؤمنون بالغيب} في أول البقرة ( 3 ) .
والباء في بالغيب للظرفية ،أي وعدها إياهم في الأزمنة الغائبة عنهم .أي في الأزل إذ خلقها لهم .قال تعالى:{ أعدت للمتقين}[ آل عمران: 133] .وفيه تنبيه على أنها وإن كانت محجوبة عنهم في الدنيا فإنها مهيئة لهم .
وجملة{ إنه كان وعده مأتياً} تعليل لجملة{ التي وعد الرحمن عباده بالغيب} أي يدخلون الجنة وعداً من الله واقعاً .وهذا تحقيق للبشارة .
والوعد: هنا مصدر مستعمل في معنى المفعول .وهو من باب كَسا ،فالله وعد المؤمنين الصالحين جنات عدن .فالجنات لهم موعودة من ربهم .
والمأتِي: الذي يأتيه غيره .وقد استعير الإتيان لحصول المطلوب المترقب ،تشبيهاً لمن يحصل الشيء بعد أن سعى لتحصيله بمن مشى إلى مكان حتى أتاه .وتشبيهاً للشيء المحصل بالمكان المقصود .ففي قوله{ مأتِيّا} تمثيلية اقتصر من أجزائها على إحدى الهيئتين ،وهي تستلزم الهيئة الأخرى لأنّ المأتي لا بد له من آت .