وقد رد الله قولهم ببيان أن العبرة بالعاقبة ، لا بالأمر الحاضر ، وإن كثيرين من القرون السابقة أهلكهم الله بظلمهم ، ونجا الذين استضعفوا ، وكان منهم أئمة وكانوا الوارثين ، ولذا قال تعالى:
{ وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورِئْيا 74} .
( كم ) هي العددية ، أي وكثير من الأمم أهلكناهم قبلكم ، وكانوا أحسن أثاثا ، فبيوتهم كانت مملوءة بالمتاع الطيب ، لأن الأثاث هو متاع البيت ، و( الرّئّي ):المنظر الحسن ، أي إذ كنتم تفاخرون المؤمنين بأنكم أهل نديّ حسن فيه الطنافس{[1479]} والأرائك والزرابي المبثوثة ، وأنهم فقراء يعيشون في شدة ، وليس لهم ندى كنديكم ، وأنكم بذلك أهل الحق ، والمؤمنون هم أهل الباطل ، فقد أنصفهم الله منكم وكان هلاك الله نازلا بكم ، والقرن الجماعة أو الأمة من الناس التي تعيش في زمن من الأزمان ، وإذا كان الهلاك لا يكون إلا لأهل الباطل فليس الغنى والثروة دليلا على أن الحق في جانبهما ، الحق لا يعرف إلا بالإيمان ، وآيات الله تعالى ، وكذلك نجّي الله المؤمنين الفقراء وأهلك الكفار الأغنياء .