ولأن ذلك الكلام الذي يقوله النصارى وكفروا به كفرا عظيما قال الله تعالى في وصف هذا بقوله تعالى:
{ لقد جئتم شيئا إدّا 89 تكاد السماوات يتفطرّن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدّا 90} .
أي لقد جئتم بهذا القول شيئا إدا ، أي منكرا تنكره العقول ، ولا يليق بذات الله العلية ، ولقد قال الراجز:
لقد لقي الأقران منّي نُكرا
داهية دهياء إدّا إمرا
وأي منكر يكون داهية للعقول أن يقول قائل:{ اتخذ الرحمن ولدا} .
ويلاحظ أنه انتقل الكلام الكريم من الغيبة إلى الخطاب ، ليوجه القول الشديد إليهم وينبههم إلى عظيم ما ارتكبوا ، وأنهم أتوا بأمر تطابقت العقول المدركة على إنكاره ، وهو خطير في ذاته لا يقوله إلا مأفون في غفلة عن التفكير السليم المنطقي ، ولقد كنا كلما تذاكرنا مع القائلين لهذا القول يقولون:إن ذلك فوق العقول لا تدركه ، وما هو بمدرك في ذاته ، ولذا شاع بين فلاسفة النصارى كلمة المنطق الديني في مقابل المنطق العقلي البرهان ، وقالوا:إن منطق الدين لا تطبق عليه مقاييس البرهان والاستدلال ، ويقولون لأنه فوق العقل ، ونقول لهم:إن منطقهم الديني أمر منكر في العقول ، وهو إدٌّ في العقول ، وهو أمر مع أنه نكر ، هائل في بطلانه ، وأثره في تضليل الأفهام ، وغفلة العقول: