{ تكاد السماوات يتفطّرن منه وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدا 90} .
هذا الهول من ذلك القول الذي قاله النصارى مقلدين للفلسفة المشتقة من الديانة الوثنية عند البراهمة والبوذيين ، وهو قول يحاولون إدخاله في العقول ، وهو بالنسبة للمحسوس{ تكاد السماوات يتفطّرن منه} التفطّر:معناه التشقق أجزاء مختلفة متعددة متكررة ، وقرئ ( ينفطّرن ){[1480]} من قبيل فعل المطاوعة ، وهو من فطره بمعنى شقّه ، وانشق مما يحتاج إلى معالجة ، ومما يصعب فطره ، فلا يقال كسرت القلم فانكسر ، لأن كسر القلم لا يحتاج إلى معالجة ومحاولة ، ولكن يقال:كسرت الحجر فانكسر ، أو كسرت الباب فانكسر .
وما المراد من هذا التصوير السامي العالي:أيراد به بيان هول هذه الكلمة ، وأنها لو نزلت على السماء والأرض لتفطرت السماء وانشقت الأرض ، وهدت الجبال هدا ، فالتصوير بيان بطريق التشبيه أو الاستعارة لضخامة البطلان فيها ، من حيث إنها لو كانت محسوسا يُحس ونزل على السماوات لتفطرت وتقطعت أوصال نجومها ، ولو نزلت على الأرض لانشقت وهدت جبالها التي هي كالأوتاد .
ثم إن هذه الكلمة كانت تسوغ تعجيل العقاب عليهم بأن تنفطر السماء عليهم ، وتنشق الأرض وتهد الجبال هدا ، ولكن الله تعالى يمسك السماء والأرض ، كما قال تعالى:{ إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا 41} ( فاطر ) ، وإن ذلك بسبب هذا الافتراء والادعاء الباطل