اليهود يختارون الشر
ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون ( 103 )
يرشد الله إلى الحق بدل الباطل لليهود ؛ لأنهم يعرضون ، ويطلبون السحر ، وينبذون آيات الله تعالى البينات الداعية إلى الحق ، وإلى صراط مستقيم ، وذلك من اضطراب إدراكهم وعدم إيمانهم كشأن من تحكمه الأوهام وتسيطر عليه الأهواء ؛ ولذا قال تعالى:{ ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير} .
لم يقل سبحانه آمنوا بمحمد ، والضمير يعود إلى اليهود ، بل قال سبحانه:{ ولو أنهم آمنوا} وذلك لأنهم لا إيمان عندهم بشيء ، بل هم في اضطراب لا قرار في قلوبهم بشيء ، والإيمان إذعان للحقائق ، وجعلها مستقرة في القلوب مصدقة للحق فالمعنى:لو ثبت أنهم آمنوا وأذعنوا وصدقوا بالحق واتقوا غضب الله تعالى وطلبوا رضاه ، واتجهوا إلى السير في الطريق السوي لكان ذلك خيرا بدل الاعوجاج الذي اختاروه لأنفسهم ، فساروا في طريق عوج ، لو فعلوا ذلك لكان لهم ثواب ؛ ولذا قال تعالى في جواب الشرط المقدر من "لو"{ لمثوبة من عند الله خير} ، أي لو ثبت أنهم آمنوا وأذعنوا وسكن ذلك قلوبهم ، واتقوا أي اتقوا غضب الله بعمل صالح ينفعهم وينفع الناس ، ويكونون به مصدر خير لخلطائهم من الناسلكان لهم الثواب الدائم ، فالمثوبة هي الثواب الدائم المستمر ، وذكر سبحانه وتعالى أن ذلك خير لهم مما هم فيه من اضطراب مستمر وفساد قلب ، وقوله تعالى:{ خير} إما عطف بيان ، وإما خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو خير .
وقد أكد الله تعالى المثوبة باللام المؤكدة الواقعة في جواب فعل لو المحذوف ، وبين سبحانه وتعالى بعد علمهم بهذه الأمور التي يكون علمها والأخذ بها خيرا لهم ؛ ولذا قال سبحانه:{ لو كانوا يعلمون} وعلماء النحو يقولون في "لو"أنها حرف امتناع لامتناع أي يمنع جوابهالامتناع شرطها ، والمعنى أنه يمتنع علمهم بذلك فيمتنع إيمانهم ، فهم في ضلال مبين .