وقد صرح الله سبحانه وتعالى بالوحدانية ، فقال تعالى:{ وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمان الرحيم} وقوله تعالى:"وإلهكم"بالإضافة إليهم فيه إشارة إلى أن المعبود الذي تعبدونه بحق إله واحد ، فالذين تعبدونهم من أوثان وأحجار ليسوا بآلهة بل إلهكم الحق الذي يجب أن تعبدوه واحد لا إله إلا هو ، لا يعبد بحق إلا هو ، ولا يمكن أن يسمى غيره من الأوثان باسمه ، إنما هي أسماء سميتموها ما أنزل الله بها من سلطان ، فالإله هو الخالق الذي ينفع ويضر ، وأنشأ الوجود برحمته ، وعمهم بنعمته ، ولقد وصفه سبحانه وتعالى بأنه "الرحمان الرحيم"الذي يتصف بالرحمة ، وتعتبر صفة من صفاته ، وهو الذي يرحم العباد فعلا ، وقد بينا معنى الاسمين الكاملين من قبل .
وقد ذكر سبحانه وتعالى هذين الوصفين من بين الأسماء الحسنى ، لأنهم يحسون بأنهم في آلائه ، ورحمته ، فهم إذا كانوا في شدة لا يستغيثون بآلهتهم ، وإذا كانوا في ضر لا يلجئون إلا إليه{ أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله . . . 62} [ النمل] ويقول تعالى:{ وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون 12} [ يونس] ويقول تعالى في بيان حالهم في مأساتهم وشدائدهم وأنهم يضرعون إليه:{ قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين 63 قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون 64} [ الأنعام] .
فأولئك الوثنيون من العرب كانوا يعرفون الله تعالى ولكن يعبدون أوثانهم ، وعندما تشتد الشديدة عليهم يلجئون إلى الله وحده مستعينين طالبين الرحمة من عنده ، ولا يرجون من غيره قط ، ولذا كان وصفه بالرحمة ، لأنهم يلجئون إليه وحده عند رجاء الرحمة فلا يرجونها من غيره ، وكان المعنى:الواحد الأحد هو الذي يرحمكم عندما تضرعون إليه فكان المنطق يوجب عليكم ألا تعبدوا غيره .