يقال تبع وأتبع بمعنى تبع كما في لحق ، وألحق ، والمعنى وتبعهم فرعون مصاحبا جنوده وقد أرسل إليهم يدعوهم معه قائلا:إن هؤلاء لشرذمة قليلون ، وأنهم لنا لغائظون – اجتمع بكل ما عنده من جند قوى تجبر بهم وعاند ، فتبع موسى الذي جمع بني إسرائيل فكان جمع الأقوياء ، وراء جمع الضعفاء ، ولكن كان الله مع الضعفاء ، فرعون وجنده وراء موسى وبني إسرائيل ، ويحسب المغرور أن البحر حاجزهم ، ولكن رب السماوات والأرض ، ورب البحار والأنهار ، شق البحر لهم ، فضرب موسى البحر بعصاه فانفلق ، وكان كل فرق كالطود العظيم ، كان البحر الذي يكون الناس فيه كدود على عود اثنا عشر فرقا كان لكل جماعة طريقا ، وتبع كل أناس إمامهم ، فرأى المغرور الطريق بين يديه يبسا كما هو بين أيدي بني إسرائيل ، وقد ضل هو وجنده ، حتى إذا تم دخولهم انطبق عليهم البحر ، وهذا معنى قوله تعالى:{ فغشيهم من اليم ما غشيهم} أي غطاهم من البحر ما غطاهم ، وهذا من الإيجاز المعجز ، وصاروا في البحر ، فلما أدركه الغرق قال:{. . .آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل . . .90} ( يونس ) ، والإبهام هنا لتذهب فيه النفس بالخيال كل مذهب ، وكل خيال فيه دون الحقيقة لأن جندا بأكمله ، كان يتجبر به فرعون ويستعلي ويغتر وقد جمعه كله بإرادته ، قد ألقاه فرعون في البحر إلقاء ، ولذا قال تعالى من بعد:
{ وأضل فرعون قومه وما هدى 79} .