لقد استغرق الضلال قلوبهم ، وسد مسامع الإدراك في أفكارهم ، فحسبوا أن ذلك هو الحق وهو الضلال بعينه ، قالوا مستفهمين{ أجئتنا بالحق} والاستفهام هنا بمعنى النفي ، فهو لإنكار الوقوع ، ومعناه:ما جئتنا بالحق ، بل أنت من اللاعبين ، و{ أم} للإضراب عن كلامه الحق إذ قد صمت آذانهم عنه ،{ أم أنت من اللاعبين} واستأنفوا كلاما جديدا ، وحكموا بأنه من اللاعبين أي أنه يهزل بهذا الكلام, ولا يجدّ ، ووصفوه بوصف مستمر وهو أنه من اللاعبين ، ولصغره ، حيث إنه كان بالنسبة لهم صغير السن ، وقد أكدوا لعبه بالجملة الاسمية ، وب"أنت"، وبإدخاله في صفوف الهازلين ، لأنهم لا يعيرون كلامه التفاتا ، ولا يجعلون له غاية .
انتقل بهم خليل الله من مرتبة الاستنكار إلى مرتبة الإيجاب ، لأن التخلية قبل التحلية ، فبين لهم مَن الله الذي يعبده وتجب عبادته .