الإشارة إلى إنزال الآيات البينات الواضحات الهادية الدالة على صدق الرسول ، والمشابهة بين ما قدر الله تعالى إنزاله وما أنزله فعلا ، أي أنزلناه في الواقع كما قدرناه في علمنا ، وهذا تأكيد لإرادة الله تعالى في أن تكون معجزة النبي صلى الله عليه وسلم من نوع الوحي بآيات بينات ، وقوله تعالى:{ وأن الله يهدي من يريد} ، أي كذلك الإنزال أن الله تعالى يهدي إليه من يريد له الهداية ويسلكها ، وإني أرى أن المشابهة ليست بين الإنزال المقدر في علمه الأزلي ، والمنزول الواقعي ، وإنما أرى أن المشابهة بين نصر الله لنبيه في الدنيا والآخرة وإقامة الحجة لرسالته في الدنيا ، حتى يبلغ الأجل ، ويكون المعنى كما ننصره في الدنيا والآخرة أيدناه بالمعجزة الباهرة القاطعة التي تتحدى الأجيال كلها أن يأتوا بمثله ، وأنزلنا آيات بينات واضحات ، وأن الله يهدي بهديه من يشاء ، فيهدي الناس ابتداء بها ، ويزيد بها الذين اهتدوا ، وذلك كما يريد ، ومن يريد وسلك طريق الحق ، واتجه إليه غير ملتف لسواه .
وبين بعد ذلك سبحانه أن الناس جميعا مجزيون بعلمهم يستوي في ذلك المؤمن والمشرك واليهودي ، والنصراني والصابئ ، فقال عز من قائل:
{ إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد 17} .