{ وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتحت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم 54} .
"الواو"عاطفة ، و"اللام"هنا ك"اللام"هناك ، أي لتكون نتيجة إلقاء الشيطان بوسوسته ، للاختبار لمرضى القلوب والقساة الغلاظ ،{ وليعلم الذين أوتوا العلم} من أتباع النبيين الحق ، أي أنهم أوتوا علم النبوة من الأنبياء فنفوا عن أنفسهم بما ألقى الله تعالى في قلوبهم من علم بالصدق والصبر الضابط للنفس{ أنه الحق} ، الضمير يعود على القرآن الذي ذكر الله تعالى أنه أحكمت آياته ، بعد دفع إغواء الشيطان ووسوسته عن الرسل والأنبياء من وقت مبعثهم إلى أن قبضهم الله سبحانه وتعالى إليه .
وقوله:{ أنه الحق} ، فيه قصر ، لتعريف الطرفين أي أن القرآن الكريم هو الحق ، فليس حديثا يفترى ولا أساطير الأولين ،{ فيؤمنوا به} ، ولذلك يؤمنون به و"الفاء"للسببية ، أي بسبب علمهم يؤمنون به{ فتخبت له قلوبهم} ، الإخبات قال فيه الراغب في مفرداته:الخبث المطمئن من الأرض ، وأخبت الرجل قصد الخبث أو نزله نحو أسهل وأنجد ، ثم استعمل الإخبات استعمال اللين والتواضع ، والمعنى تواضعت قلوب المؤمنين ، ولم تمار في الحق قلوبهم ، بل أخبتت وسكنت إلى الحق .
و'الفاء"في قوله تعالى:{ فيؤمنوا} فاء السببية أو عاطفة على العلم الذي أوتوا ، وكذلك "الفاء"في قوله تعالى:{ فتخبت} ، ثم قال تعالى:{ وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم} ، أي أن الله من شأنه جل جلاله أن يهدي الذين آمنوا بأن سلكوا إلى الطريق الأقوم أو شرعوا فيأخذ الله بأيديهم ، والصراط هو الطريق المستقيم ، وهو صراط الله تعالى ، كما قال تعالى:{ وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل . . . 153} ( الأنعام ) .
وقد أكد سبحانه هداية الله تعالى المؤمنين إلى الصراط المستقيم ب"إن"المؤكدة وب"اللام"وب"الجملة الاسمية".