{فَتُخْبِتَ}: تلين وتخشع له قلوبهم .
{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُواْ بِهِ} لأن انطلاقهم من مواقع العلم في نظرتهم للأشياء ،يجعلهم في موقف الوعي والتفهم لشخصية الرسول وحركته الداخلية والخارجية ،لمعرفتهم بالظروف المحيطة به ،التي تفرض تنوّع أساليب العمل ،وتقتضي الكثير من المشاعر الإيجابية لاحتواء الساحة ،ما قد يدخل فيه بعض الخطور الذهني الذي لا ينسجم مع طبيعة الرسالة في جوّها العملي ،ويعرفون كيف يرتفع الرسول عن كل ذلك سريعاً بوعيه المنفتح على الله ،والمتصل بالعمق الرسالي في قاعدة الفكر الإسلامي وحركته ،ويواجهون أي شك بالفكرة الواضحة التي تؤكد أن الرسول مؤيَّد من ربّه بألطافه ،ومستقيم في سيره ،وصادق في كلمته ،وأمين على موقفه ،مما لا يدع أيّ مجال لشبهة في أيّ مفهوم أو حكمٍ شرعي أو آية قرآنية ،بل يرون أنه الحقّ من الله ،في قناعةٍ ثابتةٍ مطمئنة ،فيؤمنون به إيماناً فكرياً وروحياً ،{فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} وتخضع له ،لأن ذلك هو معنى الإيمان المنفتح الذي يتحرك في الذات من موقع العقل والفطرة ،حيث يهيمن على الكيان كله ،بكل قوّةٍ وخضوع وإذعان .
{وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُواْ} إلى دينه عندما يتحركون نحوه بجدية في الفكر ومسؤولية في الحركة ،فيشملهم الله بعنايته ،ويمنحهم لطفاً من لطفه ،فتشرق الهداية في قلوبهم ،فلا يجد الضلال إليها سبيلاً ،من خلال وضوح الرؤية الذي يعيش الإنسان فيه الصفاء والإشراق في أرحب الآفاق ،ليقودهم{إِلَى صراط مُّسْتَقِيمٍ} لا عوج فيه ولا التواء ..