{مِرْيَةٍ}: شكّ .
{وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِى مِرْيَةٍ مِّنْهُ} أي في شك من الحق الذي يمثله القرآن المنزل من الله على رسله ،ولكن هذا الشك الذي يبعدهم عن الإيمان ليس مرتكزاً على أساس فكريٍّ يشكل علامات استفهام متعددة تبحث عن جواب حول الكثير من قضايا التوحيد والرسالة والرسول ،بل يرتكز على أجواء اللامبالاة التي يواجهون بها المسائل ،وعلى رغبة التمرّد على خط الالتزام في الحياة ،كونه يحرّك الخطوات في الخط المستقيم الذي قد يُثقل أوضاعهم ،ويرهق حياتهم ..ولهذا ،فإن هذا الشك السطحيّ الغارق في السلبية لا ينتهي إلى إيمان ،كما هي حال الشك المنهجي الذي يبحث دائماً عن الحقيقة من خلال ملاحقة الأفكار الإيمانية ومناقشتها طلباً لتكوين قناعات قاعدتها البحث والتأمل ،ولذا فإن هذا الشك قد يصل في نهاية المطاف إلى الإيمان من أقرب طريق ..
أمّا الكافرون ،فيستمرون على كفرهم رغبةً في البقاء على عقيدة الآباء حتى تأتيهم الساعة الموعودة وهي يوم القيامة ،{حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} يواجهون فيه نتائج كفرهم وتمردهم ،وهو يوم لا يليه آخر يمكن أن يأملوا فيه الخروج من قساوة العذاب وضغطه ،لأن ما بعده هو الهلاك ،وهذا هو معنى عقم اليوم ..وهكذا يواجهون الموقف الصعب حيث تتكشَّف الأشياء ،فيقرّون بالحقائق الإيمانية ولكن بعد فوات الأوان .