{ حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ( 64 ) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ ( 65 )} .
حتى للغاية ، والمعنى:فهم في غفلتهم المستمرة الغامرة الحق بالباطل لا يستبصرون ولا يتيقظون ، ولا ينبههم إلا قارعة تقرعهم ، ولذا قال:{ حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ} فتقرعهم القارعة ، أي أنهم غافلون ، حتى تنبههم من الغفلة قارعة تمس المترفين ، وخص المترفين بالذكر ، مع أن القارعة تعمهم وغيرهم إذ المهلكات تعم ،ولا تخص المترفين منهم . خص المترفين ، لأنهم أصل الإنكار الذين تلهيهم الغفلة عن الحق ، أو يلهبهم ما هم فيه من ترف عن أن يدركوا الحق ، لأنهم لا شدائد تنبههم ، فالشدائد ترهف المدارك ، وتوقظ الأفهام ، ولأنهم لا يصبرون على الابتلاء ، بل يخرون صاغرين أمام أي شدة ، أو كارثة تكرثهم ، ولذا قال:{ حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ}{ إذا} للمفاجأة ، والمفاجأة تحول حالهم من استكبار واعتزاز وغفلة إلى صغار وتنبه ، وضراعة ، فالجؤار مصدر جأر وهو دفع الصوت بالضراعة والاستغاثة .
والعذاب قيل:هو عذاب الدنيا بكارثة دنيوية أو حرب هازمة لهم ، والتعبير{ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ} معناها أنزلنا بهم العذاب جزاء ما أجرموا . وكنى عن ذنوبهم بالعذاب الذي استحقوه بها ، وقال أخذناهم ، كناية عن أنه أخذهم حتى لا يفلتوا منه ، وشبه إنزاله بهم بأخذهم إليه أخذا مصحوبا بالعذاب الشديد .