يقول تعالى ذكره:ولهؤلاء الكفار من قريش أعمال من دون ذلك هم لها عاملون، إلى أن يؤخذ أهل النَّعمة والبطر منهم بالعذاب. كما:
حدثنا يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد:( إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ ) ، قال:المُتْرَفُون:العظماء.( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) يقول:فإذا أخذناهم به جأروا، يقول:ضجُّوا واستغاثوا مما حلّ بهم من عذابنا، ولعلّ الجُؤار:رفع الصوت، كما يجأر الثور; ومنه قول الأعشى:
يــرَاوِحُ مِــنْ صَلَــوَاتِ المَـلِي
كِ طَـوْرًا سـجُودًا وَطَـوْرًا جـؤارا (2)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال:ثنا عبد الله، قال:ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس:( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) يقول:يستغيثون.
حدثنا ابن بشار، قال:ثنا يحيى وعبد الرحمن، قالا ثنا سفيان، عن علقمة بن قردد، عن مجاهد، في قوله:( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) قال:بالسيوف يوم بدر.
حدثنا القاسم، قال:ثنا الحسين، قال:ثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، في قوله:( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) قال:يجزعون.
قال:ثنا حجاج، عن ابن جُرَيج:( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ ) قال:عذاب يوم بدر.( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) قال:الذين بمكة.
حُدثت عن الحسين، قال:سمعت أبا معاذ يقول:أخبرنا عبيد، قال:سمعت الضحاك يقول في قوله:( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ ) يعني أهل بدر، أخذهم الله بالعذاب يوم بدر.
حدثني يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:سمعت ابن زيد يقول في قوله:(إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ) قال:يجزعون.
------------------------
الهوامش:
(2) البيت للأعشى ( ديوانه طبع القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين ص 53) وهو من قصيدة يمدح بها الأعشى قيس بن معد يكرب . ويراوح بين العلمين:يتداول هذا مرة ، وهذا مرة . والجؤار:مصدر جأر إلى الله . إذا تضرع ورفع صوته . يقول:إن ممدوح مع ما وصف به من كرم وقوة ووفاء ، تقيٌّ يراقب ربه ، ويتضرع إليه ويجأر في صلواته . واستشهد به المؤلف على أن الجؤار:رفع الصوت كما يجأر الثور .