{ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( 24 )} .
{ يوم} متعلق بقوله تعالى:{ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ، أي أن ذلك العذاب العظيم يكون في يوم لا يخفى فيه آثم ، ويكون كل شيء شاهدا على ما أجرموا ، وقد صور الله تعالى ذلك بأن ألسنتهم تشهد عليهم بما اخترصوا فيه ، وأرجلهم تشهد بما سمعوا فيه بالباطل ، وأفسدوا به الناس ، وأيديهم تشهد بما بطشوا ، وما فعلوا من آثام ، وشهادتهم منصبة على ما كانوا يعملون .
هذا كله متعلق بحادث الإفك ، ذكر في بعض الآيات ما هو موضوع الإفك حول أم المؤمنين عائشة ، وبعضه عام ذكر لمناسبة الحديث عن هذا الإفك الأثيم ، ولقد قال الزمخشري رضي الله عنه في هذا المقام ما نصه:
"لو فلّيت القرآن كله وفتشت عما أوعد به العصاة لم تر الله تعالى قد غلظ في شيء تغليظه في إفك عائشة رضوان الله تعالى عليها ، ولا أنزل آية من الآيات القوارع المشحونة بالوعيد الشديد ، والعتاب البليغ ، والزجر العنيف ، واستعظام ما ركب من ذلك واستفظاع ما أقدم عليه ما أنزل فيه عن طرق مختلفة وأساليب مفتنة ، كل واحد منها كاف في بابه ، ولو لم ينزل إلا هذه الثلاث لكفي بها ، حيث جعل القذفة ملعونين في الدارين جميعا ، وتوعدهم بالعذاب العظيم في الآخرة ، وبأن ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم تشهد عليهم بما أفكوا وبهتوا ، وأنه يوفيهم جزاءهم الحق الواجب الذي هم أهله"{[1561]} .