{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ( 56 )} .
إن الطريق لإقامة الاستخلاف على أساس من العدل والاستقامة والاتصال بالله تعالى يكون بثلاثة أمور مذكورة في هذه الآية الكريمة .
الأمر الأول:إقامة الصلاة وقد أمر بها سبحانه في قوله تعالى:{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} أي صلوا صلاة مقومة تستشعر فيها جلال الله تعالى وكبرياءه ، وتحس فيها أنك في حضرة الله تعالى وكأنك تراه في مثولك بين يديه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، وهذه تربية روحية ، واتصال بالله سبحانه وتعالى فيكون امرأ يألف ويؤلف .
والأمر الثاني:إيتاء الزكاة ، أي إعطاؤها لولي الأمر ، وهو يصرفها في مصارفها ، وهذا الأمر ذكره بقوله تعالى:{ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ، عبر سبحانه بقوله:{ وآتوا} دون "أدوا"، للإشارة إلى أنها عطاء يعطي ، ويعطيها المزكي على أنها مغنم لا على أنها مغرم ، وهي تعاون اجتماعي لا مذلة فيه لفقير ، ولا استطالة لغني .
والأمر الثالث:طاعة الرسول في كل ما يأمر به وينهى عنه ، وينظم به الدولة الإسلامية ، ويقيم دعائم الحكم على أساس من العدل ، وتنسيق الأمور ، وهذا هو الأمر الثالث ، وقد ذكره سبحانه وتعالى بقوله:{ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} وطاعته في حياته باتباع أوامره في تنظيم الدولة ، وتوزيع قواها كلها ، بحيث يتبع في توسيد الأمور للقائمين بها ، في الحرب والسلم على سواء ، وبعد مماته تكون طاعته باتباع ما أثر عن سنته فهي المحجة الواضحة ، والطاعة للأمير الذي ينفذ الحق والعدل ، ويقيم حكمه على دعائم من القرآن كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، ولا يطيع الذين يخالفون الكتاب والسنة إلا في طاعة الله ، حتى لا تكون الأمور فوضى ، ويضطرب ميزان الحق والعدل ، وتعطل الحدود ، ولا تقام الفرائض ولا تقاد الجيوش ، ولا تسد الثغور ، ولا يحمى الحمى .
ثم قال تعالى:{ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ، أي رجاء أن ترحموا ببقاء العزة ، وألا تكونوا نهبا مقسوما بين الأمم ، وألا تتداعى عليكم الأمم تداعي الأكلة على قصعتها ، والرجاء هنا من الناس لا من الله تعالى ، فالله تعالى لا يرجو ، لأنه عالم الغيب وما يكنه المستقبل .