{وَأَقِيمُواْ الصَّلَواةَ وَآتُواْ الزَّكَواةَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} .
هذه الآية الكريمة تدلّ على أن إقامة الصّلاة ،وإيتاء الزكاة ،وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لرحمة اللَّه تعالى ،سواء قلنا إن لعلّ في قوله:{لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ،حرفتعليل أو ترج ؛لأنها إن قلنا: إنها حرف تعليل فإقامة الصلاة وما عطف عليه سبب لرحمة اللَّه ؛لأن العلل أسباب شرعية ،وإن قلنا: إن لعلّ للترجي ،أي: أقيموا الصلاة ،وآتوا الزكاة على رجائكم أن اللَّه يرحمكم بذلك ،لأن اللَّه ما أطمعهم بتلك الرحمة عند عملهم بموجبها إلا ليرحمهم لما هو معلوم من فضله وكرمه ،وكون لعل هنا للترجي ،إنما هو بحسب علم المخلوقين ؛كما أوضحناه في غير هذا الموضع .وهذا الذي دلّت عليه هذه الآية من أنهم إن أقاموا الصلاة ،وآتوا الزكاة ،وأطاعوا الرسول رحمهم اللَّه بذلك جاء موضحًا في آية أخرى ،وهي قوله تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَواةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَواةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ}[ التوبة: 71] ،وقوله تعالى في هذه الآية:{وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} ،بعد قوله:{وأقيموا الصلاة} من عطف العام على الخاص ؛لأن إقام الصلاة وإيتاء الزكاة ،داخلان في عموم قوله:{وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} ،وقد قدّمنا مرارًا أن عطف العام على الخاص وعكسه كلاهما من الإطناب المقبول إذا كان في الخاص مزية ليست في غيره من أفراد العام .