{ وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا ( 39 )} .
وهذه القرون الكثيرة التي بعث لها النبيون بين نوح وموسى ، حذرهم وأنذرهم ، وضرب الأمثال من قصص النبيين ، وكيف هلك الأقوام ، إذ كذبوا الرسل ، ويبين الله كيف أهلكهم وفتتهم ، وأذلهم ، ولذا قال تعالى:{ وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ} كلا ، الضمير قائم مقام مضاف إليه ، أي كل قرن من هذه القرون الكثيرة بينا له الأمثال من الذين سبقوه ، وكذبوا رسلهم ، وكيف كانوا عبرة لهم ، ولكن لم يعتبروا ،{ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا} فسر الراغب الأصفهاني التتبير بالإهلاك ، والمعنى:وكلا أهلناكم إهلاكا ، وكانوا عبرة ، ولكن لم يكن اعتبار ، فعم الفاسد ، وضلوا ضلالا بعيدا ، إلا من هدى الله ، وآمن واهتدى .
وقال الزمخشري وتبعه في هذا كل المفسرين الذين أخذوا أن التتبير هو التكسير والتفتيت ، أي أن الله تعالى كسرهم حتى صاروا فتاتا ، متقطعا متجزئا .
والمعنيان متلاقيان يصح الجمع بينهما بأن أهلكهم بطريق كسرهم وتفتيتهم ، حتى صاروا فتاتا مندثرا .