وإن من كانت هذه أحوالهم يظنون التقصير في ذات أعمالهم ، ويترقبون العقاب ، ويغلب عليهم الخوف ، ولذا يقولون:
{ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ( 65 ) إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ( 66 )} .
لقد توقعوا النار وأيقنوا بعذابها ، وعملوا ما يجنبهم إياها ، ولكنهم مع ذلك أيقنوا أن أعمالهم لا تكفي لتجنبهم ، فضرعوا إلى ربهم أن يصرفها عنهم عالمين أن الجنة من فضل الله ، وليست بعمل عملوه ولكن برضا من الله عما عملوه ، قال تعالى:{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ} والتعبير بالمضارع يفيد أن هذا حال ملازمة لهم يكررونها دائما ، بالخضوع والخشوع والحذر الدائم المستمر ، فهم في حذر دائم مستمر ، فيكونون مع الله بحذرهم لا يفترون ،{ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} أي كان أمرا ملازما ، فالغرام هو الأمر الملازم الذي يكون خسارا وشرا ، ولذا فسر بعض التابعين الغرام بالشر الملازم وكل غرام يزول عن صاحبه أو يفارق صاحبه إلا غرم جهنم ، وإن المؤمن الحق يؤتي الله حقه ، ولا يحسبه قد أوفي ، ولذا قال تعالى:{ والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة . . . ( 60 )} [ المؤمنون] .