بعد هذه الموعظة الزاجرة ، أجابوه إجابة الغواية الفاجرة ، هددوه بالرجم ( كما ورد في آية أخرى ) أو الإخراج من البلد والنفي في مكان بعيد ، كما في هذه الآية .
{ قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ ( 167 ) قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ ( 168 ) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ ( 169 )} .
قالوا مصممين موثقين قولهم باليمين ،{ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ} اللام هي اليمينية ، أي أقسموا بما يقسمون به إذا لم تنته ، وكان النداء لتأكيد أن الخطاب له ، ولم تكن لمودة بجمعهم ، إنما هو لنفرة شديدة لتفرقهم ، لأنه يحول بينهم وما يشتهون من خروج على الفطرة والطبع الإنساني ، والمقسم به لتكونن من المخرجين أو المرجومين ، واللام واقعة في جواب القسم ، وقد أكدوا الإخراج أو الرجم بها ، وبأن يصير في عداد المرجومين أي أنه يرجم ويقبر ، ويكون في عداد الأموات الذين يموتون بالرمي بالحجارة ، حتى ماتوا ، وأكدوا الرجم أيضا بنون التوكيد الثقيلة وكذلك التأكيد على إخراجه فيكون بعيدا عنهم ويرتاحوا من مواعظه .
وكانوا في فجورهم الذي لجوا فيه واستمرءوه ، وهو لا يستمرأ إلا عند ذوي الطباع الشاذة الخارجة عن الفطرة وهم فاسقون أقوياء جبارون ، فلم يسع نبي الله إلا أن يعلن استنكاره لفعلهم الذي يجافي الفطرة الإنسانية .