{ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ( 46 ) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ( 47 ) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ( 48 )} .
والفاء كما قلنا لترتيب والتعقيب أي أنهم فور ما رأوا أن العصا تلقف ما يأفكون ، فتبتلع مادة سحرهم التي تسحر العيون ، ووجدوا حقيقة لا تخييلا ولا وهما ، فكان الحق فأسرعوا بالسجود ، وقوله تعالى{ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} ، مبني للمفعول إشارة إلى أن أيمانهم وإذعانهم للحق هو الذي ألقاهم ساجدين ، وكأنهم غير مختارين ولا مريدين ، فالسجود كان مساوقا للعلم الذي أوتوه من معجزة موسى عليه السلام ، و{ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} ، لأنه المنشئ القاهر القدير الكالئ الحامي{ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ} .
وإن هذا يدل على صفاء نفوس هؤلاء ، وقد أشرنا في الآيات السابقة إلى أنهم لم يكونوا مذعنين لما يدعيه فرعون ، كما يبدو من لحن أقوالهم .
وإن أولئك آمنوا حقا وصدقا ، إذ إنهم تركوا الأجر ، وكان كبيرا ، وتركوا الازدلاف إلى فرعون والقرب منه والتحكم باسمه ، ورضوا بأن يقطعوا ويصلبوا وذلك هو الإيمان حقا وصدقا .