سمع سليمان كلامها:{ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا} وضاحكا حال مؤكدة لمعنى القسم ، وهو يتضمن معنى التعجب من حرصها واهتدائها إلى النتيجة لمرور الجيش عليها ، وعلى صواحبها ، وإن ذلك دفعه لأن يتجه إلى ربه الذي أعطاه وأباه ما أعطى فقال:{ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} .
لم يغتر ، ولم يفخر ، ولم يفاخر ، بل عرف حق النعمة واتجه إلى شكرها ، ودعا ربه ثلاثا .
أولا:ضرع إلى ربه أن يدفعه ، فقال أوزعني أي ادفعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت بها علي ، وعلى والدي ، فإن هذه نعمة تحتاج إلى الالتجاء إليك لأتمكن من شكرها ، وهي عليّ ، وعلى والدي فقد كان نبيا آتيته ما آتيت ولده سليمان ، فكان ما أنا فيه نعمة عليّ وعليه .
ثانيا:دعا ربه أن يوفقه للخير فقال:{ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} ، أي أن أعمل ، عملا هو صالح في ذاته وأن ترضاه بأن يكون خاليا من كل غرض غير رضاك سبحانك ، إنك أنت المعطى ، والمانع .
ثالثا:أن يكون في ضمن عباد الله الصالحين ، فقال:{ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} ، أي أن الدخول في الصالحين من عباده سبحانه هو برحمته سبحانه ، لا بعمل قدمه ، فكل عمل هو من فضله ، وكل جزاء هو رحمته .
رأى من النملة ما رأى ، وكان بعد ذلك الطير .