{ وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ( 153 )} .
( الواو ) عاطفة واصلة بين هذه الجملة وما قبلها ، و{ السيئات} جمع سيئة ، وهي ما يسوء الناس ، وهو قبيح في ذاته{ ثم تابوا من بعدها وآمنوا} ( ثم ) هنا للترتيب والتراخي لبعد ما بين السيئة والتوبة ؛ لأن السيئة فعل قبيح لا يرضي الله – سبحانه وتعالى – والتوبة رجوع إلى الله ، فالمنزلتان متباعدتان تباعد البعد من الله بالسيئات ، والقرب منه بالتوبة ، وقوله تعالى:{ تابوا من بعدها} يوحي إلى أن التوبة لا تكون بعيدة الزمن ، كما قال تعالى:{ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب . . . . . . . . . . . ( 17 )} ( النساء ) .
{ آمنوا} ، أي أذعنوا للحق ، فكأن التوبة لها ثلاث خطوات هي الشعور بالذنب والندم ، ثم التوبة ، ثم الإذعان لحقائق الإيمان بحيث لا يعودون لمثلها أبدا .
وقد وعدهم الله تعالى بقبول التوبة فقال:{ إن ربك من بعدها لغفور رحيم} ، أي إن ربك الذي خلقك وكونك من بعد هذه التوبة النصوح{ لغفور رحيم} إن هذا بيان لقبول التوبة ببيان وصف قابلها ، وهو انه غفور للذنوب قابل للتوب ، وأنه رحيم بعباده يريد لهم التوبة ، ولا يريد لهم العقاب إلا أن يصيروا إصرارا .
وفي هذا النص تأكيد بقبول التوبة بالتأكيد بالجملة الاسمية ، وبوصف الربوبية ، وبوصف الغفران والرحمة ، وب ( إن ) وباللام في قوله:{ لغفور رحيم} .
وإن الله تعالى في القرآن الكريم حيث يذكر العقاب يذكر التوبة وقبولها حتى لا ييئس المذنب من غفرانه ، فينساق في معاصيه وهو يقنط من غفران الله ورحمته ، قال تعالى:{ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ( 53 )} ( الزمر ) .