{ والّذين عملوا السّيّئات ثمّ تابوا من بعدها وآمنوا إنّ ربّك من بعدها لغفور رحيم} هذه الآية في حكم من تاب وقبلت توبته فدل على أن ما سبقها هو حكم من لم يتب أو من لم تقبل توبته والمعنى أن الذين عملوا السيئات من الكفر والمعاصي ثم تابوا ورجعوا من بعدها إلى الله تعالى بأن رجع الكافر عن كفره وتركه وآمن بالله ورسوله ، ورجع العاصي عن عصيانه وأخلص الإيمان وزكاه بالعمل بموجبه أن ربك أيها الرسول من بعد تلك الجرائم ، -أو من بعدما ذكر من التوبة والإيمان الصحيح الباعث على العمل الصالح ، لغفور لهم أي لستور عليهم ، محّاء لما كان منهم رحيم بهم أي منعم عليهم بالجنة ، هكذا صور المعنى في الكشاف ثم قال وهذا حكم عام يدخل تحته متخذو العجل ومن عداهم ، عظم جنايتهم أولا ثم أردفها تعظيم رحمته ليعلم أن الذنوب وإن جلت وعظمت فإن عفوه وكرمه أعظم وأجل ، ولكن لابد من حفظ الشريطة وهي وجوب التوبة والإنابة ، وما وراءه طمع فارغ ، وأشعبية باردة لا يلتفت إليها حازم 1ه .
وأقول:إن طمع أكثر الفساق بالمغفرة قد ذهبت بحرمة الأمر والنهي من قلوبهم حتى استحل كثير منهم المحرمات ، وكانوا شرا ممن قالوا:{ لن تمسنا النار إلاّ أياما معدودات} [ آل عمران:24] وما طمعهم بثمرة إيمان ، بل أماني حمق وجدل على أطراف اللسان ، قال صلى الله عليه وسلم ( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والأحمق من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ){[1248]} رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم عن شداد ابن أوس بسند صحيح .