{153 - وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إن رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} .
من عادة القرآن أن يقابل الأشياء بأضدادها ،فبعد أن ذكر جزاء الظالمين فتح باب الأمل أمام التائبين .
والمعنى: والذين ارتكبوا المعاصي والذنوب وعلى رأسها الكفر والشرك ،ثم تابوا عن الكفر والشرك ،أو أقلعوا عن الذنوب والمعاصي ،وآمنوا بالله إيمانا صادقا عن يقين ؛فإن الله تعالى يغفر لذنوبهم ،ويقبل توبتهم ويرحمهم برحمته الواسعة .
والآية عامة في توبة الكافرين والمؤمنين .
وأن وردت في سياق الحديث عن بني إسرائيل الذين اتخذوا العجل إلها ،ثم فتحت باب التوبة أمام التائبين منهم ،إلا أن العبرة بعموم اللفظ الوارد فيها .
سئل ابن مسعود عن الرجل يزني بالمرأة ثم يتزوجها فتلا هذه الآية:{وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إن رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} .
فتلاها عبد الله بن مسعود عشر مرات ،فلم يأمرها بها ولم ينههم عنها .
لكن يؤخذ من النحوى: إن من الفقهاء من ذهب إلى أن من زنى بامرأة حرمت عليه ،ولا يجوز له الزواج منها ،ومنهم من ذهب إلى أن المسلم إذا تاب قبل الله توبته وأن الحرام لا يحرم الحلال ،وذكروا أنه يشبه رجلا سرق فاكهة من بستان ثم اشتراه ،فيكون أوله حرام وآخره حلال .
ولعل قراءة ابن مسعود لهذه الآية ترجيح لقبول توبة التائب ،وتيسير للمسلم ،وتشجيع على التوبة الصادقة من الرجل والمرأة ،مع الإيمان الصادق والعمل الصالح .