قال لهم مقالة نوح:
{ أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم} ، وأنذرهم بالعذاب الشديد إن لم يؤمنوا ، وذكرهم بما كان من قوم فرعون ، ونعم الله تعالى فقال:{ لينذركم} ، أي يبين لكم عقاب الله ، وإني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم{ واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بصطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون} .
ذكرهم بثلاثة أمور تدنيهم ، وتجعلهم يشعرون بأن الله أنعم عليهم ، وأعطاهم العبر ليعتبروا:
ذكرهم أولا – بأنهم خلفاء قوم نوح ، وإن ذلك فيه عبرة لهم لأنهم كيف أغرقوا ، ولم ينج إلا من حملته السفينة الربانية ، وخلفاء جمع خليفة ، أي أنهم خلفوهم في سكنى أرضهم وأرسل هو إليهم ، كما أرسل نوح من قبل .
وذكرهم ثانيا – بأن الله زادهم في الخلق بصطة ، أي قوة في الجسم فكانوا عمالقة ، وبصطة أصلها بسطة ، وتكتب السين صادا ، لاتصالها بالطاء ، وهي ساكنة .
وذكرهم ثالثا – بنعم الله تعالى عليهم من زروع وثمار ، فقال:{ فاذكروا آلاء الله} أي نعمه ، واحدها ( إلي ) و ( ألي ) .
ذكرهم بهذه الأمور الثلاثة رجاء أن يعتبروا ويتعظوا ويؤمنوا ، وبذلك ينالون الفلاح والفوز ؛ ولذا قال تعالى:{ لعلكم تفلحون} ، أي لترجوا الفلاح والفوز بالصلاح في الدنيا والنعيم في الآخرة .