ومع توالي العبر ، ووقوع عذاب الله بالكافرين يفترون بالدنيا ، ولا يحسبون حسابا لعذاب الله النازل بهم في الدنيا ؛ ولذا قال تعالى:{ أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بياتا وهم نائمون ( 97 )} ( الفاء ) عاطفة ترتب ما بعدها على ما قبلها ، وهي داخلة على ألف الاستفهام ، ولكن قدمت ألف الاستفهام ؛ لأن الاستفهام له الصدارة ، والاستفهام إنكاري لإنكار الوقوع ، أي ما آمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون .
إن الذين تأخذهم الدنيا بغرورها ينسون بأس الله تعالى ، ولو كانوا يذكرونه ما غفلوا ، وما نسوا أنه قادر على كل شيء ، وفي أي وقت ، فليس لهم أن يأمنوا أنهم مستمرون في غيهم من غير أن يبغتهم ببأس شديد .
فهذا الاستفهام تنديد لهم بفعلتهم ، فهم لا يأمنون هذا ، ولكن حالهم توهم أنهم آمنوا ، فالله تعالى ينبههم إلى أنه أمان الغافل الذي لا يعرف أنه يعاند الله .
و{ بأسنا} أي الشدة التي تنزل بهم عقابا على جحودهم ، وعبرة لغيرهم تجيئهم ليلا ، وتجيئهم ضحى ، والله محيط بهم ، وقوله تعالى:{ بياتا وهم نائمون} يشير إلى أن بأس الله تعالى يأتيهم وهم في غفلتين ، غفلة الليل والبيات فيه حيث الأمن والدعة والقرار ، والغفلة الثانية – غفلة النوم حيث يكون النعاس قد غشيهم ، وهم لا يفكرون فيما ارتكبوه من عناد وجحود لله تعالى الذي لا يغفل عنهم أبدا .