قوله تعالى:{قَالُواْ يا مُوسَى إِما أَن تُلْقِيَ وَإِما أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى 65} .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن السحرة لما جمعهم فرعون واجتمعوا مع موسى للمغالبة قالوا له متأدبين معه:{إِما أَن تُلْقِىَ وَإِما أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى 65} وقد بين تعالى مقالتهم هذه في غير هذا الموضع ؛كقوله في «الأعراف »:{قَالُواْ يا مُوسَى إِما أَن تُلْقِىَ وَإِما أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ 115} .وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك: أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يحذف مفعول فعل في موضع ،ثم يبين في موضع آخر ،فإنا نبين ذلك ،وقد حذف هنا في هذه الآية مفعول{نلقي} ،ومفعول أول من{مَنْ أَلْقَى} وقد بين تعالى في مواضع أخر أن مفعول إلقاء موسى هو عصاه وذلك في قوله في «الأعراف »:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هي تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ 117} ،وقوله في «الشعراء »:{فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هي تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ 45} ،وقوله هنا:{وَأَلْقِ ما في يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُواْ} الآية .وما في يمينه هو عصاه ؛كما قال تعالى:{وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسَى 17 قَالَ هي عَصَاي} الآية .