قوله تعالى:{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ} .
الظاهر أن القول في قوله:{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ} ،وفي قوله تعالى:{وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} [ فصلت: 25] الآية ،وفي قوله تعالى:{قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلاء الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا} [ القصص: 63] الآية .
وفي قوله تعالى:{وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [ يس: 70] ،وقوله تعالى:{فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ} [ الصافات: 31] ،والكلمة في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الألِيمَ} [ يونس: 96-97] ،وفي قوله تعالى:{قَالُواْ بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}[ الزمر: 71] ،أن المراد بالقول والكلمة أو الكلمات على قراءة:{حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَاتُ رَبَّكَ} بصيغة الجمع ،هو قوله تعالى:{لأمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[ هود: 119]و[ السجدة: 13] ،كما دلّت على ذلك آيات من كتاب اللَّه تعالى ؛كقوله تعالى في آخر سورة «هود »:{وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذالِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ لأمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [ هود: 118-119] ،وقوله تعالى في «السجدة »:{وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِني لأمْلانَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [ السجدة: 13] .
وقوله تعالى في أُخريات «ص »:{قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لأمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ ص: 84-85] .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ} ،يدلّ على أن أكثر الناس من أهل جهنّم ،كما دلّت على ذلك آيات كثيرة ؛كقوله تعالى:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ}[ هود: 17]و[ الرعد:1]و[ غافر: 59] ،{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [ يوسف: 103] ،{وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأوَّلِينَ} [ الصافات: 71] ،{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ} [ الشعراء: 8-67-103-121-174-190] .
وقد قدّمنا الكلام على هذا في سورة «الأنعام » ،في الكلام على قوله تعالى:{وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن في الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} [ الأنعام: 116] الآية .
وبيَّنا بالسنّة الصحيحة في أوّل سورة «الحجّ »: أن نصيب النار من الألف تسعة وتسعون وتسعمائة ،وأن نصيب الجنّة منها واحد .