{لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ} ،أي: خلطًا من الماء البالغ غاية الحرارة ،جاء موضحًا في غير هذا الموضع ؛كقوله تعالى في«الواقعة »:{ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذّبُونَ * لآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مّن زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} [ الواقعة: 51-55] .وقوله:{شُرْبَ الْهِيمِ} ،الهيم: جمع أهيم وهيماء وهي الناقة مثلاً التي أصابها الهيام ،وهو شدّة العطش بحيث لا يرويها كثرة شراب الماء فهي تشرب كثيرًا من الماء ،ولا تزال مع ذلك في شدّة العطش .ومنه قول غيلان ذي الرمّة: فأصبحت كالهيماء لا الماء مبرد ***صداها ولا يقضي عليها هيامها
وقوله تعالى في «الواقعة »:{فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ}[ الواقعة: 54-55] ،يدلّ على أن الشوب ،أي: الخلط من الحميم المخلوط لهم بشجرة الزقوم المذكور هنا في «الصافّات » ،أنه شوب كثير من الحميم لا قليل .
وقال أبو عبد اللَّه القرطبي في تفسير هذه الآية:{لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ} ،الشوب: الخلط ،والشوب والشوب لغتان ،كالفقر والفقر ،والفتح أشهر .قال الفراء: شاب طعامه وشرابه إذا خلطهما بشيء يشوبهما شوبًا وشيابة ،انتهى منه .