قوله تعالى:{ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} .
قوله تعالى في هذه الآية{وَأَزْوَاجُكُمْ} فيه لعلماء التفسير وجهان:
أحدهما ،أن المراد بأزواجهم ،نظراؤهم وأشباههم في الطاعة وتقوى الله واقتصر على هذا القول ابن كثير .
والثاني: أن المراد بأزواجهم ،نساؤهم في الجنة .
لأن هذا الأخير أبلغ في التنعم والتلذذ من الأول .
ولذا يكثر في القرآن ،ذكر إكرام أهل الجنة ،بكونهم مع نسائهم دون الامتنان عليهم ،بكونهم مع نظرائهم وأشباههم في الطاعة .
قال تعالى:{إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ اليَوْمَ في شُغُلٍ فَاكِهُونَ هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ في ظِلَالٍ عَلَى الأرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ} [ يس: 55 -56] .
وقال كثير في أهل العلم: إن المراد بالشغل المذكور في الآية ،هو افتضاض الأبكار .وقال تعالى:{وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ} [ الدخان: 54] .وقال تعالى:{وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} [ الواقعة: 22 -23] .وقال تعالى:{فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} إلى قوله:{حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ في الْخِيَامِ} [ الرحمان: 70 -72] ،وقال:{وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ} [ الصافات: 48] وقال تعالى:{وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ} [ ص: 52] إلى غير ذلك من الآيات .
وقد قدمنا: أن مفرد الأزواج زوج بلا هاء ،وأن الزوجة بالتاء لغة لا لحن خلافاً لمن زعم أن الزوجة لحن من لحن الفقهاء ،وأن ذلك لا أصل له في اللغة .
والحق أن ذلك لغة عربية ،ومنه قول الفرزدق:
وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي *** كساع إلى أسد الشرى يستبيلها
وقول الحماسي:
فبكى بناتي شجوهن وزوجتي *** والظاعنون إلى ثم تصدع
وفي صحيح مسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صفية «إنها زوجتي » وقوله{تُحْبَرُونَ} أقوال العلماء فيه راجعة إلى شيء واحد ،وهو أنهم يكرمون بأعظم أنواع الإكرام وأتمها .