وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة{فَالْحَامِلَاتِ وَقْراً} أكثر أهل العلم على أن المراد بالحاملات وقراً: السحاب .أي المزن تحمل وقراً ثقلاً من الماء .
ويدل لهذا القول تصريح الله جل وعلا بوصف السحاب بالثقال ،وهو جمع ثقيلة ،وذلك لثقل السحابة بوقر الماء الذي تحمله كقوله تعالى:{وينشئ السَّحَابَ الثِّقَالَ} [ الرعد: 12] ،وهو جمع سحابة ثقيلة ،وقوله تعالى{حَتَّى إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ} [ الأعراف: 57] .
وقال بعضهم: المراد بالحاملات وقراً: السفن تحمل الأثقال من الناس وأمتعتهم ،ولو قال قائل: إن الحاملات وقراً الرياح أيضاً كان وجهه ظاهراً .
ودلالة بعض الآيات عليه واضحة ،لأن الله تعالى صرح بأن الرياح تحمل السحاب الثقال بالماء ،وإذا كانت الرياح هي التي تحمل السحاب إلى حيث شاء الله ،فنسبة حمل ذلك الوقر إليها أظهر من نسبته إلى السحاب التي هي محمولة للرياح ،وذلك في قوله تعالى{وَهُوَ الذي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرىً بَيْنَ يدي رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ} [ الأعراف: 57] الآية .
فقوله تعالى:{حَتَّى إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً}: أي حتى إذا حملت الرياح سحاباً ثقالاً ،فالإقلال الحمل ،وهو مسند إلى الريح .ودلالة هذا على أن الحاملات وقراً هي الرياح ظاهرة كما ترى ،ويصح شمول الآية لجميع ذلك .
وقد قدمنا مراراً أنه هو الأجود في مثل ذلك ،وبينا كلام أهل الأصول فيه ،وكلامهم في حمل المشترك على معنييه أو معانيه ،في أول سورة النور وغيرها .
والقول بأن الحاملات وقراً: هي حوامل الأجنة من الإناث ،ظاهر السقوط .