وقوله{عُرُباً} قرأه عامة القراء السبعة غير حمزة وشعبة عن عاصم{عُرُباً} بضم العين والراء ،وقرأ حمزة وشعبة{عُرُباً} بسكون الراء ،وهي لغة تميم ،ومعنى القراءتين واحد ،وهو جمع عروب ،وهي المتحببة إلى زوجها الحسنة التبعل ،وهذا هو قول الجمهور .وهو الصواب إن شاء الله .
ومنه قول لبيد:
وفي الخباء عروب غير فاحشة *** ريا الروادف يعشى دونها البصر
وقوله تعالى:{أَتْرَاباً} جمع ترب بكسر التاء ،والترب اللذة .وإيضاحه أن ترب الإنسان ما ولد معه في وقت واحد ،ومعناه في الآية: أن نساء أهل الجنة على سن واحدة ليس فيهن شابة وعجوز ،ولكنهن كلهن على سن واحدة في غاية الشباب .
وبعض العلماء يقول: إنهن ينشأن مستويات في السن على قدر بنات ثلاثة وثلاثين سنة ،وجاءت بذلك آثار مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم ،وكون الأتراب بمعنى المستويات في السن مشهور في كلام العرب .
ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:
أبرزوها مثل المهاة تهادى *** بين خمس كواعب أتراب
وهذه الأوصاف الثلاثة التي تضمنتها هذه الآية الكريمة من صفات نساء أهل الجنة ،جاءت موضحة في آيات أخر .
أما كونهن يوم القيامة أبكاراً ،فقد أوضحه في سورة الرحمان في قوله تعالى:{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ} [ الرحمان: 56] في الموضعين لأن قوله:{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ} نص في عدم زوال بكارتهن ،وأما كونهن عرباً أي متحببات إلى أزواجهن ،فقد دل عليه قوله في الصافات:{وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ} [ الصافات: 48] لأن معناه أنهن قاصرات العيون على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم لشدة محبتهن لهم واقتناعهن بهم ،كما قدمنا إيضاحه ،ولا شك أن المرأة التي لا ينظر إلى غير زوجها متحببة إليه حسنة التبعل معه .
وقوله في ص:{وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ} [ ص: 52] ،وقوله في الرحمان:{فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ} [ الرحمان: 56] ،وأما كونهن أتراباً فقد بينه تعالى في قوله في آية ص هذه ،{وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ} ،وفي سورة النبأ في قوله تعالى:{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً حَدَآئِقَ وَأَعْنَابا ًوَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً} [ النبأ: 31 -33] .