وجملة{ ترميهم} حال من{ طيراً} وجيء بصيغة المضارع لاستحضار الحالة بحيث تخيل للسامع كالحادثة في زمن الحال ومنه قوله تعالى:{ واللَّه الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه إلى بلد ميت}[ فاطر: 9] الآية .
وحجارة: اسم جمع حَجر .عن ابن عباس قال: طين في حجارة ،وعنه أن سجيل معرب سَنْك كِلْ من الفارسية ،أي عن كلمة ( سنك ) وضبط بفتح السين وسكون النون وكسر الكاف اسم الحجر وكلمة ( كلْ ) بكسر الكاف اسم الطين ومجموع الكلمتين يراد به الآجُر .
وكلتا الكلمتين بالكاف الفارسية المعمّدة وهي بين مخرج الكاف ومخرج القاف ،ولذلك تكون{ من} بيانية ،أي حجارة هي سجيل ،وقد عد السبكي كلمة سجيل في « منظومته في المعرَّب الواقع في القرآن » .
وقد أشار إلى أصل معناه قوله تعالى:{ لنرسل عليهم حجارة من طين}[ الذاريات: 33] مع قوله في آيات أُخر{ حجارة من سجيل} فعلم أنه حجر أصله طين .
وجاء نظيره في قصة قوم لوط في سورة هود ( 82 ):{ وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود} وفي سورة الحجر ( 74 ): فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل فتعين أن تكون الحجارة التي أرسلت على أصحاب الفيل من جنس الحجارة التي أمطرت على قوم لوط ،أي ليست حجراً صخرياً ولكنها طين متحجر دلالة على أنها مخلوقة لعذابهم .
قال ابن عباس: كانَ الحجر إذا وقع على أحدهم نفط جلده فكان ذلك أول الجُدري{[464]} .وقال عكرمة: إذا أصاب أحدَهم حجر منها خرج به الجدري .
وقد قيل: إن الجدري لم يكن معروفاً في مكة قبل ذلك .
وروي أن الحجر كان قدر الحِمَّص .روى أبو نعيم عن نوفل بن أبي معاوية الديلمي قال: رأيت الحصَى التي رمي بها أصحاب الفيل حصى مثل الحمص حمراً بحُتْمَة ( أي سواد ) كأنها جِزع ظَفَارِ .وعن ابن عباس: أنه رأى من هذه الحجارة عند أم هاني نحو قفيز مخططة بحُمرة بالجزع الظَّفاري .