جملة{ يا قوم لا أسألكم عليه أجراً} إن كان قالها مع الجملة التي قبلها فإعادة النداء في أثناء الكلام تكرير للأهمية ،يقصد به تهويل الأمر واسترعاء السمع اهتماماً بما يستسمعونه ،والنداء هو الرابط بين الجملتين ؛وإن كانت مقولة في وقت غير الذي قيلت فيه الجملة الأولى ،فكونها ابتداء كلام ظاهر .
وتقدم تفسير{ لا أسألكم عليه أجراً} في قصة نوح عليه السّلام ،أي لا أسألكم أجراً على ما قلته لكم .
والتعبير بالموصول{ الذي فطرني} دون الاسم العلم لزيادة تحقيق أنّه لا يسألهم على الإرشاد أجراً بأنه يعلم أن الذي خلقه يسوق إليه رزقه ،لأن إظهار المتكلم علمه بالأسباب يكسب كلامه على المسببات قوة وتحقيقاً .
ولذلك عطف على ذلك قوله:{ أفلا تعقلون} بفاء التفريع عاطفة استفهاماً إنكارياً عن عدم تعقلهم ،أي تأملهم في دلالة حاله على صدقه فيما يبلغ ونصحه لهم فيما يأمرهم .والعقل: العلم .