{فَطَرَنِى}: فطر الشيء فطراً: أي شقه ،فظهر ما فيه .ومنه: فطر الله الخَلْقَ ،أي: خلقهم ،فهو فاطر السماوات والأرض ،أي: خالقها .
{يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} لأني لست تاجر مبادىء ورسالات يستغلّها في سبيل تحقيق الربح ،والحصول على الثمن من أتباعه ،فلا أريد منكم أيّ امتياز ماديٍّ ومعنويٍّ ،لأن الرساليين الذين يعيشون حياتهم للرسالة لا يبتغون منها عوضاً ،بل قد يفكرون بالتضحية بالمال وبالجاه إذا احتاجت حركة الرسالة لذلك ،لأن الهمّ الكبير لديهم هو رضوان الله وثوابه ،{إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي} وخلقني من عدم ،فله الفضل عليّ في نعمة الوجود كله .ولهذا فإن الدعوة إلى عبادته ،ورفض ما عداه ،يمثل الوجه المشرق لعمليّة الشكر الإنساني بين يدي الله ،بالإضافة إلى أنه الوجه الأصيل للحقيقة الكونية والعملية في الحياة ،{أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} وتناقشون المسألة من موقع الفكر ،لا من موقع الغريزة ،لتعرفوا طبيعة القاعدة التي ترتكز عليها حياتكم ،وطبيعة الرسول الذي يدعوكم إلى الانطلاق في خط الله .