بعد أن أثار لهما الشك في صحة إلهيّة آلهتهم المتعددين انتقل إلى إبطال وجود تلك الآلهة على الحقيقة بقوله:{ ما تَعبدون من دونه إلا أسماءً سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان} ،يعني أن تلك الآلهة لا تحقق لحقائقها في الوجود الخارجي بل هي توهّمات تخيّلوها .
ومعنى قصرها على أنها أسماء قصراً إضافياً ،أنها أسماء لا مسمياتتٍ لها فليس لها في الوجود إلا أسماؤها .
وقوله:{ أنتم وآباؤكم} جملة مفسرة للضمير المرفوع في{ سميتموها} .والمقصود من ذلك الردّ على آبائهم سدّاً لمنافذ الاحتجاج لأحقيتها بأن تلك الآلهة معبودات آبائهم ،وإدماجاً لتلقين المعذرة لهما ليسهل لهما الإقلاع عن عبادة آلهة متعددة .
وإنزال السلطان: كناية عن إيجاد دليل إلهيتها في شواهد العالم .والسلطانُ: الحجة .
وجملة{ إن الحكم إلا لله} إبطال لجميع التصرفات المزعومة لآلهتهم بأنها لا حكم لها فيما زعموا أنه من حكمها وتصرفها .
وجملة{ أمَرَ أن لا تعبدوا إلا إياه} انتقال من أدلة إثبات انفراد الله تعالى بالإلهية إلى التعليم بامتثال أمره ونهيه ،لأن ذلك نتيجة إثبات الإلهية والوحدانية له ،فهي بيان لجملة{ إن الحكم إلا لله} من حيث ما فيها من معنى الحكم .
وجملة{ ذلك الدين القيّم ولكن أكثر الناس لا يعلمون} خلاصة لما تقدم من الاستدلال ،أي ذلك الدين لا غيرُه مما أنتم عليه وغيرُكم .وهو بمنزلة رد العجز على الصدر لقوله:{ إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله} إلى{ لا يشكرون}[ سورة يوسف: 38] .