{ ذلك مِمَّآ أوحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الحكمة}
عدل عن مخاطبة الأمة بضمائر جمع المخاطبين وضمائر المخاطَب غير المعين إلى خطاب النبي صلى الله عليه وسلم ردًّا إلى ما سبق في أول هذه الآيات من قوله:{ وقضى ربك} الخ[ الإسراء: 23] .وهو تذييل معترض بين جمل النهي .والإشارة إلى جميع ما ذكر من الأوامر والنواهي صراحةً من قوله:{ وقضى ربك}[ الإسراء: 23] .
وفي هذا التذييل تنبيه على أنّ ما اشتملت عليه الآيات السبع عشرةَ هو من الحكمة ،تحريضاً على اتباع ما فيها وأنه خير كثير .وفيه امتنان على النبي بأن الله أوحى إليه ،فذلك وجه قوله: مما أوحى إليك تنبيهاً على أن مثل ذلك لا يصل إليه الأميون لولا الوحي من الله ،وأنه علمه ما لم يكن يعلم وأمره أن يعلمه الناس .
والحكمة: معرفة الحقائق على ما هي عليه دون غلط ولا اشتباه ،وتطلق على الكلام الدال عليها .وتقدم في قوله تعالى:{ يؤتي الحكمة من يشاء}[ البقرة: 269] .
{ ولا تجعل مع اللهإلاها ءاخر فتلقى في جهنم ملة مدحورا}
عطف على جمل النهي المتقدمة ،وهذا تأكيد لمضمون جملة{ ألا تعبدوا إلا إياه}[ الإسراء: 23] ،أعيد لقصد الاهتمام بأمر التوحيد بتكرير مضمونه وبما رتب عليه من الوعيد بأن يجازى بالخلود في النار مهانا .
والخطاب لغير معين على طريقة المنهيات قبله ،وبقرينة قوله عقبه:{ أفأصفاكم ربكم بالبنين} الآية[ الإسراء: 40] .
والإلقاء: رمْي الجسم من أعلى إلى أسفل ،وهو يؤذن بالإهانة .
والملوم: الذي يُنكر عليه ما فعله .
والمدحور: المطرود ،أي المطرود من جانب الله ،أي مغضوب عليه ومبعد من رحمته في الآخرة .
و تُلقى منصوب في جواب النهي بفاء السببية والتسبب على المنهي عنه ،أي فيتسبب على جعلك مع الله إلهاً آخر إلقاؤك في جهنَم .