جملة{ وكان له ثمر} في موضع الحال من{ لأحدهما} .والثمر بضم الثاء والميم: المال الكثير المختلف من النقدين والأنعَام والجنات والمزارع .وهو مأخوذ من ثُمر ماله بتشديد الميم بالبناء للنائب ،يقال: ثَمّر الله ماله إذا كَثُر .قال النابغة:
فلما رأى أن ثَمّر الله ماله *** وأثّل مَوْجُوداً وسَدَّ مفاقِرَه
مشتقاً من اسم الثمرة على سبيل المجاز أو الاستعارة لأن الأرباح وعفو المال يُشبهان ثمر الشجر .وشَاع هذا المجاز حتى صار حقيقة .قال النابغة:
مَهلا فداءٌ لك الأقوامُ كلّهُمُ *** ومَا أُثَمّر من مال ومِنْ وَلَد
وقرأ الجمهور{ ثُمُر} بضم المثلثة وضم الميم .وقرأه أبو عمرو ويعقوب بضم المثلثة وسكون الميم .وقرأه عاصم بفتح المثلثة وفتح الميم .
فقالوا: إنه جمع ثِمار الذي هو جمع ثَمر ،مثل كُتب جمع كِتاب فيكون دالاً على أنواع كثيرة مما تنتجه المكاسب ،كما تقدم آنفاً في جمع أساور من قوله:{ أساور من ذهب}[ الكهف: 31] .وعن النحاس بسنده إلى ثعلب عن الأعمش: أن الحجاح قال: لو سمعت أحداً يقرأ وكان له ثمر} ( أي بضم الثاء ) لقطعت لسانه .قال ثعلب: فقلت للأعمش: أنأخذ بذلك .قال: لا ولا نعمة عَين ،وكان يقرأ: ثُمُر ،أي بضمتين .
والمعنى: وكان لصاحب الجنتين مالٌ ،أي غير الجنتين .والفاء لتفريع جملة{ قال} على الجُمل السابقة ،لأن ما تضمنته الجمل السابقة من شأنه أن ينشأ عنه غرور بالنفس يَنطق ربه عن مثل ذلك القول .
و ( الصاحب ) هنا بمعنى المقارن في الذكر حيث انتظمهما خبر المثَل ،أو أريد به الملابس المخاصم ،كما في قول الحجاج يخاطب الخوارج « ألستم أصحابي بالأهواز » .
والمراد بالصاحب هنا الرجل الآخر من الرجلين ،أي فقال: مَن ليس له جناتٌ في حوار بينهما .ولم يتعَلق الغرض بذكر مكان هذا القول ولا سببه لعدم الاحتياج إليه في الموعظة .
وجملة{ وهو يحاوره} حال من ضمير{ قال} .
والمحاورة: مراجعة الكلام بين متكلميْن .
وضمير الغيبة المنفصل عائد على ذي الجنتين .والضمير المنصوب في{ يحاوره} عائد على صاحب ذي الجنتين ،وربُّ الجنتين يحاور صاحبَه .ودل فعل المحاورة على أن صاحبه قد وعظه في الإيمان والعمل الصالح ،فراجعه الكلام بالفخر عليه والتطاول شأن أهل الغَطْرسة والنقائص أن يعدلوا عن المجادلة بالتي هي أحسن إلى إظهار العظمة والكبرياء .
و{ أعز} أشد عزة .والعزة: ضد الذل .وهي كثرة عدد عشيرة الرجل وشجاعته .
والنفَر: عَشيرة الرجل الذين ينفرون معه .وأراد بهم هنا ولده ،كما دل عليه مقابلته في جواب صاحبه بقوله:{ إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً}[ الكهف: 40] .
وانتصب{ نفراً} على تمييز نسبة{ أعز إلى ضمير المتكلم .